نموذج العمل لتطبيقات القطاع غير الربحي: كيف تبني نموذجًا ناجحًا ومستدامًا؟

كيف تبني نموذجًا ناجحًا ومستدامًا؟أصبحت التطبيقات الرقمية وسيلة فعالة لخدمة القطاع غير الربحي، حيث يمكنها تسهيل الوصول إلى المستفيدين، وتحقيق أهداف الجمعيات والمؤسسات الخيرية بطرق مبتكرة.

8 دقائق
نموذج العمل لتطبيقات القطاع غير الربحي: كيف تبني نموذجًا ناجحًا ومستدامًا؟

المقدمة

كيف تبني نموذجًا ناجحًا ومستدامًا؟

أصبحت التطبيقات الرقمية وسيلة فعالة لخدمة القطاع غير الربحي، حيث يمكنها تسهيل الوصول إلى المستفيدين، وتحقيق أهداف الجمعيات والمؤسسات الخيرية بطرق مبتكرة.

لكن التحدي الأكبر يكمن في بناء نموذج عمل ناجح ومستدام يضمن استمرار التطبيق دون التأثير على جودة الخدمات والمحتوى. في هذا المقال، نستعرض كيفية بناء نموذج عمل مستدام لتطبيقات القطاع غير الربحي، مع تقديم أمثلة حقيقية واستراتيجيات فعالة لتحقيق الاستدامة المالية.

مفهوم نموذج العمل وأهميته

نموذج العمل هو الإطار الذي يحدد كيفية تحقيق المؤسسة لقيمتها المضافة للمستفيدين، والطريقة التي تضمن بها استدامتها المالية والتشغيلية. في القطاع غير الربحي، لا يقتصر الأمر على تحقيق العائد المالي، بل يشمل أيضًا تحقيق الأثر الاجتماعي والوفاء برسالة المؤسسة. ولذلك، يتطلب الأمر تفكيرًا استراتيجيًا لاختيار نموذج عمل يحقق التوازن بين تحقيق الأهداف الاجتماعية وضمان التمويل المستدام.

استراتيجيات الاستدامة في التطبيقات غير الربحية

لتحقيق الاستدامة، يمكن اعتماد استراتيجيات مالية متنوعة – أو تبني أحدها، أو بعضها – تتيح للتطبيق الاستمرار في تقديم خدماته بجودة عالية، دون الاضطرار للتنازل عن هذه الجودة من أجل خفض التكاليف، من بين هذه الاستراتيجيات:

1- الاشتراكات المدفوعة

تعتبر الاشتراكات المدفوعة أحد النماذج الشائعة لضمان استدامة التطبيقات. يمكن تقديم خدمات إضافية أو محتوى حصري للمستخدمين الذين يدفعون اشتراكًا شهريًا أو سنويًا، مثل:

  • ميزات إضافية في التطبيق، مثل تنزيل المحتوى للاستخدام دون اتصال.
  • دورات تدريبية أو محتوى تعليمي خاص.
  • وصول مبكر إلى التحديثات والمزايا الجديدة.

يتميز هذا النموذج بأنه يوفر تدفقًا ماليًا منتظمًا، لكنه يتطلب تقديم قيمة مضافة مقنعة تدفع المستخدمين للاشتراك، وليس الاكتفاء فقط بالنموذج المجاني. لكن من المهم أيضاً التأكد من وجود قيمة مُضافة تدفع العميل إلى الرغبة في التحول من الاشتراك المجاني إلى المدفوع، وهذا لا يتأتى إلا بعد تجربته للمجاني لبرهة من الوقت.

تبحث عن نموذج العمل الأنسب لتطبيقك؟

تعرف على خدمة “نمذجة الأفكار” من دراية

2- الإعلانات

يمكن الاعتماد على الإعلانات الهادفة كأحد مصادر الدخل، ولكن يجب الحرص على ألا تؤثر سلبًا على تجربة المستخدم. يمكن اختيار إعلانات متوافقة مع رسالة التطبيق، مثل:

  • إعلانات توعوية حول قضايا اجتماعية.
  • إعلانات لخدمات ومنتجات داعمة للأعمال الخيرية.
  • شراكات مع شركات مهتمة بالمسؤولية الاجتماعية.

يكمن التحدي هنا في تحقيق التوازن بين تحقيق العائد المالي وعدم إزعاج المستخدمين بكثرة الإعلانات.

3- الأوقاف الرقمية

يعد الوقف الإلكتروني نموذجًا مبتكرًا لضمان استدامة تمويل التطبيقات غير الربحية على المدى الطويل. يمكن إنشاء صناديق وقفية يتم استثمارها وتوجيه أرباحها لدعم التطبيق، مثل:

  • إنشاء صندوق وقفي رقمي يتم تمويله من خلال التبرعات الدورية.
  • استخدام أرباح الوقف في تغطية تكاليف التشغيل والتطوير المستمر للتطبيق.
  • التعاون مع جهات وقفية قائمة لضمان استدامة التمويل.
  • تعزيز ثقافة الوقف الإلكتروني بين المستخدمين عبر مبادرات داخل التطبيق.

هذا النموذج يتطلب بناء ثقة قوية مع الجمهور لضمان تدفق مستدام لهذه الأوقاف، خاصة في المراحل الأولى لضمان الوصول إلى مستهدفات الأوقاف الرقمية، لتشغيلها والحصول على عوائدها في أقرب فرصة.

4- الشراكات مع الجهات المانحة والمؤسسات

يمكن للتطبيقات غير الربحية بناء شراكات استراتيجية مع:

  • الجهات المانحة مثل المؤسسات الخيرية الكبرى التي تدعم المشاريع الرقمية الهادفة.
  • الحكومات والصناديق الوطنية التي تقدم منحًا لدعم الابتكارات في المجال غير الربحي.
  • الشركات التجارية التي قد تحمل هم نفس القضايا الاجتماعية التي تتبناها هذه التطبيقات.

هذا النموذج يتيح تمويلاً مستدامًا، لكنه يتطلب جهداً في بناء العلاقات والشراكات طويلة الأمد.

5- عقود الرعاية

يمكن تأمين عقود رعاية من مؤسسات أو شركات ترغب في دعم التطبيق مقابل إبرازها كشريك رسمي. يمكن أن تشمل هذه الرعاية تمويلاً مباشراً للتطبيق، سواء مادي، أو من خلال توفير موارد وخدمات تقنية أو تسويقية لدعم التطبيق. وفي المقابل تحصل هذه المؤسسات على أحد الأمور التالية:

  • ظهور شعار الشركة أو الجهة الراعية داخل التطبيق، أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
  • مشاركة هذه المؤسسات أو الشركات في المناشط والفعاليات التي تقوم بها المؤسسة كشريك رسمي.
  • تنظيم حملات توعوية مشتركة بين التطبيقات الرقمية أو مؤسسات القطاع غير الربحي التي تديرها وبين هذه الشركات والمؤسسات.

يعد هذا النموذج فعالاً خاصة عند استهداف مؤسسات أو شركات تتماشى مع رسالة التطبيق.

6- الاشتراكات الداعمة

تتيح هذه الاستراتيجية للمستخدمين دعم التطبيق من خلال مساهمات مالية شهرية أو سنوية اختيارية، مقابل امتيازات مثل:

  • الحصول على ميزات حصرية، مثل محتوى مميز أو تجربة استخدام خالية من الإعلانات.
  • إدراج أسمائهم في قائمة الداعمين، مما يعزز الشعور بالانتماء لمجتمع التطبيق.
  • الوصول إلى دورات تدريبية أو فعاليات خاصة لمجتمع الداعمين.
  • توفير فرص مشاركة في تحسين وتطوير التطبيق.

هذه الطريقة تعتمد على ولاء المستخدمين واستعدادهم لدعم التطبيق ماديًا.

7- برامج السفراء

يمكن إطلاق برامج سفراء تستهدف المؤثرين أو الداعمين المهتمين بمهمة التطبيق، بحيث يساعدون في نشر التطبيق مقابل مزايا معينة تتشابه قليلاً مع امتيازات الاستراتيجية السابقة (الاشتراكات الداعمة)، لكنها تختلف عنها في نموذج العمل قليلاً، مثل:

  • حصولهم على حوافز مالية أو مكافآت بناءً على عدد المستخدمين الذين يجلبونهم.
  • توفير فرص مشاركة في تحسين وتطوير التطبيق، مما يعزز من ولائهم للتطبيق.

هذا النموذج يساعد في توسيع قاعدة المستخدمين بشكل مستدام، من خلال استراتيجية “التسويق الشفهي” والتي تُعرف بـ Word of mouth أو كما نحبُ أن نسميها نحن “أثر الكلمة”.

قاموس دراية .. قريباً!

قاموس يتضمن أبرز المصطلحات التقنية والتسويقية للقطاع غير الربحي

8- الخدمات الاستشارية والتدريبية

إذا كان التطبيق يقدم محتوى تعليمي أو توعوي، يمكن توفير استشارات وورش عمل مدفوعة للمنظمات غير الربحية أو الأفراد، مثل:

  • استشارات وبرامج إرشادية معززة للمحتوى الخاص بالتطبيق.
  • ورش عمل لتطوير مهارات معينة تخدم الفئة المستهدفة.

يوفر هذا النموذج دخلًا إضافيًا ويساهم في تعزيز خبرة التطبيق كمصدر موثوق للمستخدمين.

9- التقارير والمنتجات الرقمية

يمكن الاستفادة من البيانات والخبرات المتراكمة داخل التطبيق لتطوير تقاريع دورية، أو بيع منتجات رقمية ذات صلة بمجال التطبيق، مثل:

  • تقارير متخصصة أو كتب وأدلة رقمية.
  • أدوات رقمية مثل قوالب جاهزة أو موارد تعليمية قابلة للتنزيل.

يعد هذا النموذج من أكثر النماذج استدامة، حيث يتطلب مجهودًا لإعداد التقارير أو تطوير المنتجات الرقمية، لكنه يولد دخلاً مستمرًا بعد ذلك.

كما يمكن الاستفادة من منصات رقمية تسهل إنشاء المنصات التدريبية، وإعداد الدورات، بيع الخدمات الاستشارية والمنتجات الرقمية بسهولة بدون خبرات برمجية لمؤسسات القطاع غير الربحي، كمنصة بِساط ، بالإضافة إلى ذلك توفر أيضاً منصة بِساط، والتي قامت بتطويرها شركة دِراية الذكية للتقنيات، مجموعة من الأدوات التدريبية والتعليمية المتقدمة، ولوحة تحكم شاملة لإدارة المحتوى، وتكاملاً مع بوابات الدفع وتطبيقات تسويقية آخرى.

تمكنك «بِساط» من إنشاء منصتك الرقمية الخاصة، لتقديم الدورات التدريبية لطلابك، متابعيك، أو لموظفيك، سواء كانت مجانية أو برسوم.

كيف تختار نموذج العمل المناسب؟

يعتمد اختيار نموذج العمل المناسب لاستدامة التطبيق غير الربحي على عدة عوامل رئيسية:

  1. طبيعة التطبيق: هل يركز على التعليم، التوعية، الخدمات، أم بناء مجتمعات رقمية؟
  2. الجمهور المستهدف: هل المستخدمون مستعدون للدفع مقابل الخدمات أو المحتوى؟ أم أن الاستدامة تتطلب شراكات أو اشتراكات داعمة؟
  3. الموارد المتاحة: ما مقدار التمويل الأولي؟ وهل يمكن تأمين شراكات طويلة الأمد؟
  4. الاستدامة على المدى البعيد: أي نموذج عمل يضمن استمرار التطبيق دون الاعتماد الكلي على مصدر تمويل واحد.

الزبدة: لا يوجد نموذج واحد يناسب جميع التطبيقات غير الربحية، بل يجب تطوير نموذج مرن يمكن تعديله مع نمو التطبيق وتغير احتياجات المستفيدين، وخصائص كل مرحلة من مراحل التطبيق.

الخاتمة

بناء نموذج عمل ناجح ومستدام لتطبيقات القطاع غير الربحي يتطلب موازنة دقيقة بين الأثر الاجتماعي والاستدامة المالية. من خلال اختيار الاستراتيجية المناسبة، سواء كانت الاشتراكات، الشراكات، أو أي من الاستراتيجيات الأخرى، يمكن ضمان استمرارية التطبيق وتعظيم تأثيره الإيجابي في المجتمع.

الأهم هو أن يكون النموذج المختار متوافقًا مع رسالة التطبيق ويخدم المستفيدين بأفضل طريقة ممكنة، مما يسهم في تحقيق تغيير حقيقي ومستدام.

شارِك المقال