توجُّهات تقنيات التعليم في 2025 ورؤية المملكة 2030

في هذه المقالة، نستعرض أهم تقنيات التعليم التي ستشكل أجيال المستقبل: مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي وتصميم تجارب تعليمية مُسلّية وملاءمة لذوي الإعاقة، كما سنتحدّث عن جهود السعودية في توظيف هذه التقنيات.

10 دقائق للقراءة

بين يومٍ وآخر نشهد تحوّلاتٍ تقنية وابتكاراتٍ هائلة تُوَظَّف في كل القطاعات أهمّها قطاع التعليم والتدريب. وتعدّ المملكة العربية السعودية رائدة في توظيف التقنية لتحقيق أهداف رؤية 2030 ومنها تنمية القُدُرات البشرية من خلال التدريب والتعلُّم.

في هذه المقالة، نستعرض أهم تقنيات التعليم التي ستشكل أجيال المستقبل: مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي وتصميم تجارب تعليمية مُسلّية وملاءمة لذوي الإعاقة، كما سنتحدّث عن جهود السعودية في توظيف هذه التقنيات.

1. التعليم الرقمي في عصر الذكاء الاصطناعي (AI)

يعتبر الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) من أكثر التقنيات تأثيراً في قطاع التعليم والتدريب سواءً من حيث تحسين نتائج التعلُّم للطلاب أو مُساعدة المُعلِّمين على أتمتة مهام التدريس وتخصيص التجربة التعليمية حسب حاجة الطلّاب. ومن أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي المرتبطة بالتعليم الرقمي، والتي شهدت تطوراً مذهلاً خلال الفترة الماضية، ولا زلنا نكتشف صيحات جديدة فيها في عام 2025:

  • تحليلات التعلُّم (Learning analytics): فَهم ومتابعة أداء الطلاب من خلال البيانات المتوفّرة في أنظمة إدارة التعلُّم (LMS).
  • استخراج البيانات (Data Mining): تصنيف وإيجاد الأنماط والعلاقات بين البيانات مما يُساعد – مثلاً – في التنبؤ بأداء المُتعلِّمين في المستقبل.
  • توليد البيانات (Generative AI): إنتاج بيانات جديدة ومُبتكرَة الصور، النصوص، الأصوات، المقاطع المرئية، وغيرها، استناداً إلى بيانات قديمة. تُستخدم هذه التقنية لتقديم تجربة تعليمية أكثر خصوصيّة وتفاعلاً.

كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي (AI) على التعليم في 2025 وما بعدها؟ إليكم بعض الأفكار:


التعلُّم الشخصي: تخصيص التجربة التعليمية عبر إتاحة روبوتات المُحادثة المُصمَّمة للتكيّف مع قُدرات الطالب مع مراعاة مهارات الطالب اللغوية والعلمية والاجتماعية.

مُساعدة المُعلِّم: تصحيح الاختبارات بشكل تلقائي وإعداد الدروس وفقاً لأهداف المناهج، وتحليل أداء الطلاب مع توصيات لتحسينه.

مُساعدة أولياء الأمور: مُعاونة أولياء الأمور في حلّ الواجبات والفروض المنزلية للأبناء (خصوصاً طلّاب الروضة والمرحلة الابتدائية).

 

لا شك أن النماذج اللغوية الكبيرة تتمتع بمستقبل باهر في تطوير تقنيات التعليم، فمن المتوقّع أن نشهد تطبيقات مُخصَّصة لمهام معينة (مثل: إدارة الصفوف الدراسيّة) أو مجالات معرفية مُحددة (مثل: الرياضيات البحتة).

 

2. أسس التصميم التعليمي لا غنى عنها في إعداد المناهج


لم يعد استخدام التصميم التعليمي رفاهية تعليمية كما كان في السابق، وإنما صار لبنة أساسية في بناء المناهج التعليمية في عصر التعليم الرقمي. تُستخدم نماذج التصميم التعليمي (Instructional Design) في إعداد مصادر التعلُّم وتصميم المناهج وفق أحدث نظريات التعليم والتدريب وعلم النفس، وتعتمد نماذج التصميم التعليمي باختلافها على 5 مراحل متتالية:

  1. التقييم (Evaluation): جمع آراء الطلاب وتحليلها لتطوير المحتوى التعليمي من جديد.
  2. التحليل (Analysis): دراسة احتياجات الطلاب الفردية ومستواهم الدراسي وأهدافهم من البرنامج التعليمي.
  3. التخطيط (Design): تنظيم المواد التعليمية بالاعتماد على التلعيب أو السرد القصصي على سبيل المثال.
  4. التطوير (Development): تجهيز البرنامج التعليمي فعلياً من خلال تصوير مقاطع الفيديو أو تطوير المنصة التعليمية.
  5. التنفيذ (Implementation): نشر أو عقد الدورة التدريبية عبر القنوات المناسبة واستقبال آراء المُتعلِّمين.

والتصميم التعليمي له تطبيقات كثيرة نافعة في تقنيات التعليم، سنذكر منها مثالاً لأداة واحدة يُعتمَد عليها في خطوات التصميم التعليمي.

مثال لتطبيقات التصميم التعليمي

منصة كاهوت (Kahoot) تُعين المُعلِّم على تصميم مناهج تعليمية مَرِحة ومُسلِّة باستخدام أسلوب التلعيب (Gamification). وتُساهم المنصة في خلق بيئة تعليمية مُمتعة للطلاب من خلال الألعاب التفاعلية سواءً داخل الفصل أو عبر التعليم الإلكتروني (عن بُعد).
وفقاً لبحث استقصائي تناول 155 دراسة موثَّقة من 51 دولة، نجحت منصة كاهوت! في تحسين أداء الطلّاب في الاختبارات وزيادة حماسهم وتفاعلهم خلال التعلُّم.

3- التعليم عبر الواقع الافتراضي (Virtual Reality)


توفر تقنيات الواقع الافتراضي التي تُعرف اختصاراً بـ VR بيئة ثلاثية الأبعاد تُحاكي الواقع عبر خوذة رأس أو نظارات مُخصّصة، وتسمح للمُتعلّمين بالانغماس في البيئة الافتراضية والتفاعل معها عبر مجموعة من الأدوات مثل شاشات العرض المثبتة بالرأس وأجهزة التتبع وغيرها.
كيف سيؤثر الـ VR على التعليم في 2025 وما بعدها؟ إليكم بعض الأفكار:

  1. في الهندسة المعمارية: استكشاف المباني الافتراضية وبناء النماذج المعمارية واختبارها الواقع الافتراضي.
  2. في التدريب المهني والإرشاد الوظيفي: تعلّم الحرف والمهن من خلال مُحاكاة سوق العمل (virtual job shadowing) عبر الانغماس في بيئة العمل الافتراضية.
  3. في نمذجة الأفكار (Prototyping): تمكين طلاب التسويق وإدارة الأعمال من إنشاء واختبار النماذج الأولية بتكاليف ومخاطر أقل عبر تقنيات الواقع الافتراضي.
  4. في الطب والتمريض: تعلُّم تشخيص الأمراض وممارسة العمليات عبر محاكاة واقعية آمنة.
  5. في الكيمياء والعلوم: إجراء تجارب فيزيائية وكيميائية وبيولوجية دون مخاطر ودون أجهزة وأدوات المعامل.
  6. في التاريخ والسياسة: السفر عبر الزمن إلى المواقع الأثرية والأحداث التاريخية الهامة التي تُحاكي الواقع.

4. التجارب التعليمية المُخصَّصة لذوي الإعاقة

يواجه الطلاب ذوي الهمم تحدّيات كبيرة في تحقيق الاستفادة المُثلى من تقنيات التعليم، كما أن نسبةً عظيمة منهم لا يلتحقون بالأنظمة التعليمية لأنها غير مُخصصة لاحتياجاتهم. وهنا تظهر أهمية تقنيات الإتاحة (Accessibility) في التعليم الرقمي.

ويُشير مفهوم الإتاحة أو إمكانية الوصول في التعليم إلى تخصيص التجربة التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في العملية التعليمية باستخدام أحدث التقنيات مما يمنحهم فرصاً مُتساوية مع غيرهم لاكتساب المعارف والعلوم المختلفة.

وتعد الروبوتات البشرية والنماذج الافتراضية من أحدث التقنيات التي تدمج ذوي الإعاقة في التعليم، لنكتشفْها معاً.

روبوتات بشرية لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة

حققت شركة روبوكايند (RoboKind) نجاحاً باهراً في ابتكار برامج تعليمية مُخصّصة لاحتياجات الطلاب ذوي الإعاقة، مثل برنامج “مهارات روبوكايند الاجتماعية” (RoboKind Social Skills) – اشتهر سابقاً باسم “روبوتس4أوتيزم” – الموجّه إلى الطلاب المُصابين بالتوحّد، وهو يقوم على 5 عناصر رئيسية:

  1. الروبوتات البشرية والشخصيّات الافتراضية (virtual avatars)، أشهرها الروبوت “ميلو” (Milo).
  2. النهج السلوكي التنموي (developmental behavioral approach).
  3. مبادئ علاج النطق واللغة (speech language pathology).
  4. العلاج الوظيفي (occupational therapy)
  5. تحليل السلوك التطبيقي (ABA).

 

 

حقق برنامج “مهارات روبوكايند الاجتماعية” نتائج باهرة، وهو يتميّز بسهولة تخصيصه والاستفادة منه عن بُعد ومن أي مكان.

 

وجدير بالذكر أن أحد أهداف رؤية المملكة 2030 لعام 2025م هو: ارتفاع مستوى انضمام الطلاب ذوي الإعاقة للمؤسسات التعليمية بنسبة (50%).

أهداف رؤية السعودية 2030 وتقنيات التعليم

تُعد المملكة العربية السعودية من أنشط الدول في توظيف أحدث التقنيات في قطاع التعليم والتدريب الإلكتروني، ويظهر هذا جلياً في إطلاق عدة مُبادرات منها مثلاً:

 

 

المنصة الوطنية للتعليم الإلكتروني
المنصة الوطنية للتعليم الإلكتروني

 

 

وبشكل عامٍ، تسعى المملكة إلى زيادة مُشاركة القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية في توفير الخدمات التعليمية مثل مناهج ووسائل وأدوات وتقنيات التعلُّم.

الزُبدة (خُلاصة القَوْل)

  1. يعدّ الذكاء الاصطناعي (AI) من أهمّ تقنيات التعليم لتحسين نتائج تعلُّم الطلاب ومُساعدة المُعلِّمين على أتمتة مهام التدريس وتخصيص التجربة التعليمية حسب حاجة الطلّاب.
  2. أثبتت نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) مثل خانميجو (Khanmego) جدارتها في مُساعدة الطلّاب والمدرّسين وأولياء الأمور لتحسين نتائج عملية التعليم.
  3. يركز التصميم التعليمي على تحليل وتطوير المناهج التعليمية، ويُمكن الاستفادة منه لابتكار أدوات تعزز التفاعل والأداء الدراسي مثل كاهوت (Kahoot!).
  4. تعتبر تقنيات الواقع الافتراضي (VR) ضمن أهم توجّهات التعليم في 2025م بفضل تطبيقاتها المتنوعة التي تُيسّر دراسة الطب والهندسة والعلوم.
  5. لا بد من تطبيق مفهوم الإتاحة (Accessibility) في تخصيص التجارب التعليمية لذوي الإعاقة، مثل برامج روبوكايند (RoboKind).
  6. أطلقت المملكة عدة مُبادرات لتوظيف أحدث التقنيات في قطاع التعليم والتدريب مثل المنصة الوطنية للتعليم الإلكتروني وجائزة الابتكار في التعليم والتدريب الإلكتروني.

 

المراجع والمصادر

 

استفدت من المقال؟
شاركه مع زملائك المهتمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

شارِك المقال