في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا والتعلم الرقمي، أصبحت الطرق التقليدية في التعليم غير كافية لجذب انتباه الطلاب وتحفيزهم على مواصلة التعلم. لذا يبرز دور «التلعيب» أو ما يُعرف بـ الـ “Gamification” كتقنية تعليمية تستخدم عناصر الألعاب في سياق غير ترفيهي بهدف زيادة معدل التفاعل وتعزيز تجربة التعلم.
في هذا المقال نقدم عدة تكتيكات وأفكار تساعدكم على بث الحماس في نفوس طلابكم، من خلال «استراتيجيات التلعيب». ولكن قبل أن نبدأ مشاركتكم هذه الأفكار، ربما نحتاج أولاً إلى إلقاء نظرة على مفهوم «التلعيب» لفهم السياق كاملاً.
ما معنى التلعيب؟
التلعيب ببساطة هو عملية إضافة عناصر من الألعاب، مثل النقاط والمستويات والجوائز، إلى أنشطة غير ترفيهية بهدف جعلها أكثر متعة وجاذبية. يُستخدم هذا المفهوم لتحفيز الأشخاص على القيام بأنشطة قد تكون مملة أو روتينية، من خلال جعلها تحدياً مثيراً يشجع على المشاركة والتفاعل.
يستخدم التلعيب في العديد من الأنشطة والمجالات وليس التعليم فحسب، حيث يستخدم على نطاق واسع في بيئات العمل لتحفيز الموظفين، كما يستخدم في التسويق وفي أنشطة البيع، وفي القطاع الصحي، ومجالات التدريب وتطوير الذات، وغيرها.
أهمية التلعيب في التعليم الإلكتروني
يساهم التلعيب – إذا تم تقديمه بشكل صحيح – في تعزيز تجربة التعلم الإلكتروني، وإضافة العديد من القيم المضافة، ومن أبرزها:
- التفاعل الاجتماعي: يمكن للتلعيب أن يشجع مستوى التفاعل والتواصل الاجتماعي والتعلم التعاوني من خلال الألعاب الجماعية والمناقشات والمنافسات.
- تحفيز الإنجاز الذاتي: يمنح التلعيب الطلاب شعوراً بالإنجاز من خلال الجوائز والشارات والنقاط التي يحصلون عليها، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم.
- التخصيص: يسمح التلعيب بتخصيص محتوى التعلم ليتناسب مع احتياجات وأسلوب تعلم كل طالب، مما يتيح بلا شك مزيداً من الفاعلية.
5 استراتيجيات للـ «التلعيب» في التعليم الإلكتروني
النقاط والشارات
تُعد النقاط والشارات واحدة من أبسط وسائل التلعيب، حيث يتم استخدامها كنظام مكافآت لتحفيز الطلاب. وتتمثل في تقديم نظام للنقاط يكافئ الطلاب على إنجازاتهم ومشاركتهم، مما يعزز دوافعهم للمواصلة في التعلم ويزيد من حماسهم.
التحديات والمستويات
التحديات والمستويات تضيف عنصر المغامرة إلى التعليم الإلكتروني، من خلال تصميم مسارات تعليمية تحتوي على تحديات متنوعة تناسب كل مستوى دراسي، مما يحفز الطلاب على مواصلة التعلم للانتقال من مستوى تعليمي إلى مستوى آخر.
مثال عملي: استراتيجية التحديات في عالم زيدو
يمكن الإبداع في تنفيذ التحديات والمستويات بطرق مختلفة، فمثلاً في تطبيق عالم زيدو الذي قمنا بتصميمه وتطويره، قام فريقنا المتخصص في «التلعيب» بإعداد قائمة بكل الأهداف والمهارات التربوية التي ينبغي أن يحققها الطفل في كل مستوى تعليمي، وإضافتها في صورة شريط تقدم (Progress bar) في لوحة التحكم الخاصة بالوالدين.
وكلما قام الطفل بإنهاء وحدة تعليمية من محتويات المستوى يظهر للوالدين التقدم والإنجاز في كل من محتوى وأهداف المستوى، وبذلك يتحمس الوالدين لتحقيق طفلهما بقية الأهداف التربوية في نفس المستوى، وما بعده، ويشجعانه على الإستمرارية.
- اِختَرْنا لك: عالم زيدو.. مشروع تربوي مبتكر للأطفال
القصص والسيناريوهات
ويقصد بها دمج القصص التعليمية التي تعزز الغوص في المادة الدراسية، لجعلها أكثر تشويقاً وتفاعلية، وتمكين الطلاب من مشاهدة تطبيقات عملية لما يتعلمونه. ويمكن أيضاً تطبيقها عن طريق تحويل القصص إلى ألعاب تفاعلية، كما في المثال التالي.
مثال عملي: استراتيجية القصص في كنز الأثاب
يتكوّن تطبيق كنز الآثاب من مغامرة مثيرة ومُسلّية في هيئة قصة شيّقة لرحلة ثلاثة أبطال، يقوم فيها الطفل بمساعدتهم للوصول إلى الكنز عبر اكتشاف وحل ألعاب تفاعلية.
التغذية الراجعة الفورية
التغذية الراجعة الفورية تعتبر عنصراً مهماً في عملية التعلم. تقوم العديد من المنصات والتطبيقات التعليمية بارسال تعليقات فورية تساعد الطلاب على فهم أدائهم وتحسينه، مما يعتبر أداة فعالة للتعزيز الإيجابي والتصحيح اللحظي. ومن أبرز المنصات التي تتفنن في تطبيق ذلك منصة دولينجو الشهيرة لتعليم اللغات.
المنافسة الصحيّة
تحفيز المنافسة بين الطلاب بطريقة صحية يمكن أن يشجع على مزيد من الجهد والإنجاز بين الطلاب لبذل أقصى جهودهم، وفي نفس الوقت تحفظ روح التعاون والدعم المتبادل.
مثال عملي: تطبيق ريان وبيان
في سبيل تحسين تجربة تعلم القرآن الكريم، والارتقاء بها، طوَّر فريقنا في شركة دراية للتقنيات الذكية نظاماً تفاعلياً يعتمد على أسلوب «التلعيب» بالتعاون مع جمعية مكنون لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض أثناء عملنا معهم على تطبيق ريان وبيان.
يكسب الطلاب نقاطا في التطبيق من خلال إكمال المهام، والتي تتحول إلى ألماس وعملات. تحدد هذه النقاط ترتيب الطلاب في لوحات الشرف في التعليم عبر حلقات الدراسة أو التعليم الذاتي، مما يعزز المنافسة الصحية بينهم. كما يستطيع الأطفال، عبر المتجر الحصري لريان وبيان، استبدال الألماس والعملات بشارات وصور مختلفة. يعزز هذا النهج الممتع تجربة التعلم، مما يجعلها تفاعلية ومحفزة.
- نَقْتَرِحُ عليك: ريان وبيان: أذكى تطبيق لتعليم القرآن وحروف الهِجَاء!
الزُبدة (خُلاصة القَوْل)
- التلعيب في التعليم الإلكتروني ليس مجرد وسيلة لجعل التعلم ممتعاً، بل هو استراتيجية فعّالة تُساعد المُعلّمين في تحويل التجربة التعليمية إلى رحلة مثيرة تُحقق أهداف التعليم الإلكتروني وتلبي احتياجات الطلاب المتنوعة.
- يُساهم أسلوب التلعيب في تحفيز الإنجاز الذاتي للطلاب من خلال الجوائز والشارات والنقاط، وتخصيص المحتوى التعليمي ليتناسب مع احتياجات الطلاب، وتعزيز التفاعل الاجتماعي من خلال الألعاب الجماعية والمناقشات والمنافسات.
- تشمل استراتيجيات التلعيب في التعليم الإلكتروني: النقاط والشارات، التحديات والمستويات، القصص والسيناريوهات، التغذية الراجعة الفورية، المنافسة الصحيّة.